أوليفيا جونز...ملكة الرجال المتشبهين بالنساء في عروض المسارح

كريستيان بوش

هامبورج – يتميز حي “سانت باولي”، بحاناته ومقاهيه الثقافية ونواديه الموسيقية الليلية ومحلاته التقليدية. ولكن الصفة الأهم التي تميز هذا الحي العريق الذي يوجد في مدينة هامبورج الألمانية أنه من أشهر مناطق الليالي الحمراء في أوروبا، كما أنه القلب النابض لحياة الليل.

ويحمل نادي كرة القدم الشهير "سانت باولي "، اسم هذا الحي. وقد تأسس النادي في عام 1910 وعاصر حربين، وعانى من الكثير من المشاكل، صعودا وهبوطا إلى أن استقر أخيرا في الدوري الممتاز. وتعتبر العروض الفنية الراقصة ومسارح المنوعات جزءا من المناخ العام في هذا الحي ولها حضور قوي متواصل، خاصة في شارع ريبربان، الشريان النابض في "سانت باولي"، في ظل وجود شخصيات مثل أوليفيا جونز التي صارت أيقونة فنية ألمانية. وقد تحولت هذه الشخصية خلال السنوات الأخيرة إلى رمز قيادي في عالم المثليين بحي ليالي هامبورج الحمراء، بسبب أدائها وملابسها، كما أنها تعيش في نفس الحي. وتتسم شخصية جونز (الاسم الحقيقي اوليفر كنوبل) بالتبرج الصارخ، وبشعرها المستعار ذي الألوان المبالغ فيها والثياب النسائية البراقة بألوانها المثيرة. وحقق هذا المظهر رواجا كبيرا في عالم الليل، مما يثبت مرة أخرى أن لدى الشخصية حس غريزي قوي بعالم الأعمال، فهي تدير الآن سلسلة من أماكن الترفيه التي تقدم عروضا فنية راقصة لما يعرف بمسرح "البرليسك" وعروض الفنانين المتشبهين بالنساء أو "الترافستي"، ومن بين هذه المحال أول مسرح عروض التعري للرجال في ألمانيا كلها، ويصرح للنساء فقط بدخوله. كما تقدم جونز وفريق العمل الذي يتعاون معها، جولات إرشادية للراغبين في التعرف على الحي وأسراره من السياح، وتشمل الجولة زيارة الميناء ومعالم مدينة هامبورج. كما يضم حي "سانت باولي" أيضا أماكن جذب أخرى مثل أول حانة "كاريوكي بورنو" تفتتح في ألمانيا على الإطلاق. ". وبدأت جونز خوض مجال الأعمال في عام 2008 بافتتاح "حانة أوليفيا جونز" بجادة "جروس فريهيت" العريقة في حي "سان باولي"، والتي اشتهرت باستضافتها أولى حفلات فريق البيتلز. وكانت هذه الشخصية آنذاك قد أصبحت شهيرة بالفعل في الحي، بسب نجوميتها في عالم المتشبهين بالنساء في هامبورج من خلال استعراض خاص كان يجرى تقديمه على مسرح "شميت تيفولي". وبدأ مشوار جونز في هذا العالم في عام 1997 عندما حصلت على لقب "ميس دراج كويين" في ميامي لعام 1997 بالرغم من طولها الذي يقترب من مترين، ولتتواصل مسيرتها منذ ذلك الحين بنجاح كبير. وقد استثمرت هذا النجاح في مجال الأعمال الاستعراضية المتعلقة بهذا التوجه، ودافعت دوما عن الانفتاح، والتسامح والتنوع. ولم تتوقف جونز عند هذا الحد، بل تحولت إلى ناشطة سياسية، وتصدت بالفعل لمحاول السياسي اليميني الألماني رونالد شيل للوصول إلى البرلمان ممثلا لمدينة هامبورج في عام 2004، وقد خاضت هي الانتخابات بالفعل في هذه الدائرة وحصلت على أكثر من أربعة آلاف وأربعمائة صوت. كما شاركت في عام 2017 في اجتماعات اللجنة الفيدرالية العامة عن حزب الخضر في ولاية ساكسونيا السفلى، لاختيار رئيس للحكومة. وقد أثارت صورة جونز بهيئتها النسائية المعروفة: الشعر المستعار ذي اللون البرتقالي والثوب الفيروزي البراق، إلى جوار كبار رجال السياسة في البرلمان، جدلا واسعا وضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم. وشخصية أوليفيا جونز ظاهرة لا تخلو من الجدل، ويرجع هذا، وفقا لصاحب الشخصية، إلى أنه ليس كل الناس يحبون موسيقى البوب أو استعراضات المتشبهين بالنساء أو عروض الكاريوكي الخاصة التي يقدمها محلها، ومع ذلك لا يجرؤ أحد أن يقول شيئا سلبيا عن أوليفيا جونز، لأنها تحظى باحترام كبير بفضل سلوكها الواضح، والخدمات الكثيرة التي قدمتها لحي "سان باولي". ورغم أنها قادمة من منطقة فقيرة بمدينة هانوفر ويمكنها أن تقيم الآن بمنزل فاخر في واحد من أفخم أحياء مدينة هامبورج، إلا أنها مازالت تقيم وتعمل لكسب عيشها في حي سان باولي وتقدم المساعدات لسكان الحي. وتقول جوليا شتارون، مديرة جمعية رجال الأعمال بالحي: "لست من المعجبين باستعراضات أوليفيا جونز، ولكني اعتقد أنها تقوم بعمل جيد". ويمكن ترجمة ما تقوم به أوليفيا جونز إلى أرقام: فمحلاتها توفر وظائف لأكثر من مئة شخص. وترى شتارون أن عالم جونز يعد جزءا أصيلا من ثقافة الترفيه الحديثة في الحي والتي طرأت عليها تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة. وتقول شتارون "خلال ستينيات القرن الماضي، كان من أشهر العروض /صراع النساء/ اللاتي يتمرغن في الوحل. أما الآن فالجمهور يبحث عن عروض مسرح المنوعات، وبينها "البرليسك" و"الترافستي". ولهذا حققت أعمال أوليفيا جونز نجاحا كبيرا لأنها تشهد إقبالا واسعا في جميع أنحاء البلاد". ويقدر مكتب جمعية رجال الأعمال في الحي أن ما بين 20 إلى 30 مليون شخص يترددون على ريبربان سنويا، ويأتي الكثير منهم أيضًا لرؤية أوليفيا جونز، وهي ملكة حاضرة دائمًا في حاناتها ونواديها خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويقول ساشا ألبرتسن، المتحدث باسم قطاع السياحة في هامبورج: "أوليفيا جونز رمز قوي لريبربان... إنها إثراء لهامبورج وسانت باولي". ويضيف ألبرتسن أن "الدراج كويين" تقدم للجمهور ما يطلبه و"ما تكتبه أوليفيا جونز هو قصة نجاح حقيقية. ومع كل مشروع جديد، تفرض على الحي طابعًا خاصًا بشكل متنام ... لم تحقق جونز بعد هدفها النهائي، أو أقصى طموحاتها في مجال الأعمال. صندوق أفكارها ممتلئ دائما، ولكنه محكم الإغلاق".