الشاهنامة.. حكاية أعظم ملحمة شعرية فارسية

بي بي سي

في 8 مارس/آذار عام 1010 أتم شاعر الفارسية الأكبر أبو القاسم الفردوسي قصيدته الملحمية الشاهنامة، والتي تعد الملحمة الوطنية لبلاد فارس.

وكان الفردوسي قد كرس حياته لإنتاج هذه الملحمة الشعرية المكونة من 60 ألف بيت يحكي فيها قصة الأمة الفارسية منذ فجر الحضارة وحتى سقوط الإمبراطورية الفارسية على يد العرب والأتراك. يقول التاريخ إن نوحا بن منصور الساماني، وهو من أمراء دولة بني سامان التي كانت تحكم ما وراء النهر،هو أول من اقترح نظم الشاهنامه، وبدأ الشاعر أبو منصور الدقيقي بنظمها لكنه قتل فأتمها الفردوسي، بعد إشارة من السلطان محمود الغزنوي. وتحوي الشاهنامة (سيرة الملوك) أخبار ملوك بلاد فارس ومعاركهم وتاريخهم وبذخهم ورحلات صيدهم وسياساتهم، وقد أنجزت في الثامن من مارس/آذار عام 1010 وتتكون من 60 ألف بيت من الشعر تروي بأسلوب وبلاغة شعرية لا مثيل لها في الأدب الفارسي، تاريخ الشعب الإيراني منذ بدء الخليقة وحتى انهيار الإمبراطورية الفارسية في القرن السابع الميلادي على يد العرب. ويعتبر الكثيرون أن مكانة الفردوسي في الثقافة الإيرانية تماثل مكانة شكسبير في الأدب الإنجليزي وهوميروس في الأدب الإغريقي القديم. بل يرى أحد الباحثين أن واحدة من قصص الشاهنامة ربما كانت السلف القديم لرائعة شكسبير هاملت. وحرص ملوك إيران المتعاقبون على إدراج أسمائهم في هذه الدراما الشعرية العظيمة لإضفاء الشرعية على حكمهم وعهدهم من خلال الأمر بطبع نسخة جديدة منها تحمل فصلا عن هذا الملك أو ذلك الشاه. وتتميز الشاهنامة بأن المتحدثين بالفارسية يمكنهم قراءتها اليوم وبعد أكثر من ألف عام بسهولة كبيرة. وقال البروفيسور تشارلز ملفيل، أستاذ التاريخ الفارسي بجامعة كيمبريدج، إن الفردوسي كان إقطاعيا ثريا فرغ نفسه تماما لمدة 30 عاما لكتابة الشاهنامة.ولم يشتهر العمل إلا بعد وفاته. وتعتبر الشاهنامة كتابا هائلا إذ يبلغ ضعفي حجم الإلياذة والأوديسا معا. ويقول المؤرخون إن على القارئ أن يتعامل مع الكتاب باعتباره يتجاوز التاريخ فهو، في جانب منه، يتعامل مع الأساطير في بدايته ثم يغطي، في منتصفه، أحداث الاسكندر الأكبر وينتهي بالساسانيين. ولن تكون بحاجة للإلمام بالتاريخ الفارسي أو أبي القاسم حسن الفردوسي للاستمتاع بالرسوم الملونة في الكتاب. وتعود الرسوم الأولى فيه إلى القرن الثاني عشر، وتتناول الكثير من مظاهر الحضارة الفارسية من ملوك وجيوش وغيرها. ويرجح البروفيسور تشارلز ميلفيل العثور على الجزء الأكبر من الكتاب في الهند في القرن التاسع عشر ونقله لإيران. ويضيف قائلا إن قارئ الكتاب يشعر وكأن الفردوسي كان يرثي الإمبراطورية الفارسية. ومضى يقول:" لم يكن الفردوسي من شعراء البلاط. ومن المحتمل أنه كان متعاطفا مع الزرادشتيين، أتباع الدين الذي سبق الإسلام في فارس، لذلك لم يكن مقبولا من السلطات الدينية أيضا."وتوفي الفردوسي عام 1020. والآن وبعد نحو ألف عام على وفاته تعتبر الشاهنامة أعظم عمل أدبي في الفارسية ومن أهم الأعمال الأدبية في العالم.