القمة الاقتصادية تفجر الخلاف بين "تيار عون" و"حركة أمل"

وكالات - الاناضول

تشهد الساحة اللبنانية اشتباكا سياسيا بين حركة "أمل" الشيعية و"التيار الوطني الحر" المسيحي بشأن ملفات خلافية.

أحدث هذه الملفات هو موضوع القمة التنموية الاقتصادية العربية، التي تستضيفها بيروت السبت والأحد المقبلين، إذ اعترضت "أمل" على دعوة ليبيا، التي أعلنت لاحقا مقاطعتها القمة، فيما يرى التيار الوطني أن هذه القمة مفيدة للبنان ولا يجب إفسادها. يرأس حركة "أمل" رئيس مجلس النواب (البرلمان)، نبيه بري، فيما يرأس "التيار الوطني الحر"، وزير الخارجية، جبران باسيل. هذا "التيار" أسسه رئيس الجمهورية الحالي، ميشال عون، وكان رئيسا له، قبل أن يُنتخب رئيسا للجمهورية، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016. اعترض مناصرو حركة "أمل" على دعوة ليبيا؛ لأنهم يتهمون نظام الزعيم الليبي الراحل، معمّر القذافي (1969: 2011)، بخطف مؤسس الحركة، الإمام موسى الصدر، عندما كان في زيارة لليبيا، عام 1978. تقول "أمل" إن نظام القذافي لم يساعد على كشف مصير الصدر، بينما نفى نظام القذافي اختفاء الصدر في ليبيا، ونشر وثائق تفيد بأنه غادرها ووصل إلى إيطاليا. وأحرق مناصرون لـ"أمل"، قبل أيام، علما ليبيًا، ما دفع طرابلس إلى إعلان مقاطعتها القمة؛ احتجاجا على ما حدث. ويرى البعض في لبنان، ومنهم تيار عون، أن حديث مسؤولي "أمل"، وفي مقدمتهم بري عن الموضوع الليبي، وإعلان تلفزيونه " nbn"، مقاطعته القمة، يدخل في إطار محاولة إفشالها. وزاد من تعقيد الأمور دعوة بري إلى تأجيل القمة؛ بسب عدم دعوة النظام السوري إليها. وجمدت جامعة الدول العربية مقعد سوريا في المنظمة، منذ عام 2011؛ احتجاجا على اعتماد نظام بشار الأسد الخيار الأمني لقمع احتجاجات مناهضة له. ويرى البعض أن الدعوة إلى مشاركة سوريا رفعت منسوب التوتّر بين "أمل" و"التيار الوطني الحرّ"، في ظل الفشل المستمر في تأليف الحكومة، وهي إحدى نقاط الخلاف بينهما. وكلف عون، في مايو/ أيار 2018، سعد الحريري بتشكيل الحكومة، لكنه لم يتمكن من إنجاز المهمة حتى اليوم، في ظل اتهامات لـ"حزب الله" (شيعي) وحلفائه، وبينهم "أمل"، بعرقلة عملية التشكيل، وهو ما ينفيه هذا الفريق. ** وضع لبنان معلقا على اشتباك "أمل" و"التيار"، قال النائب البرلماني، ميشال موسى، عضو كتلة "التنمية والتحرير" برئاسة بري، إن "الاشتباكات السياسية تحصل دائما في لبنان". وأضاف للأناضول أن "العلاقات تمرّ دائما بمرحلة طلعات ونزلات، وهذا هو وضع لبنان، وليس بالأمر الجديد". ورأى أن "كل المواضيع مرتبطة ببعضها البعض، من مسألة القمة العربية في بيروت، إلى الاعتراض على مشاركة ليبيا، والمطالبة بكشف مصير الإمام المغيب موسى الصدر، وهو موضوع إنساني". ** أهمية القمة أحيانا، اتخذ الاشتباك بين "أمل" و"التيار" طابعا طائفيا، وذهب البعض إلى حدّ المطالبة بتغيير النظام السياسي. لكن عضو كتلة "لبنان القوي" (كتلة عون)، حكمت ديب، رأى أنه "لم يحصل اشتباك بالمعنى السلبي". وتابع أن هناك من رأى في دعوة ليبيا إلى قمة بيروت "خطأ، بسبب عدم كشف مصير الإمام الصدر". وأردف: "هذا الموضوع خارج عن إرادتنا، فهو من مهام الجامعة العربية، وليس من مهام الرئيس عون ولا وزير الخارجية جبران باسيل". وشدد على أن "القمة مهمة للبنان على الصعيد التنموي والاقتصادي، ولا يجب تضييعها أو تحويلها إلى مشكل داخلي". ** المثالثة بعد المناصفة ينصّ الدستور اللبناني على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ويوجد تخوف مسيحي من مطالبات شيعية بأن يذهب النظام إلى "المثالثة" بين السنة والشيعة والمسيحيين مجتمعين. وعن احتمال المثالثة، قال ديب إن "الموضوع غير مطروح، ولسنا خائفين منه، ومتمسكون بحقوقنا وتمثيلنا". واعتبر أن "جميع الفرقاء محكومون بالتوافق في لبنان، وسيجلسون في نهاية المطاف مع بعضهم البعض". ** رسائل تحذيرية على وقع الاشتباك بين "أمل" و"التيار" شهد مقر البطريركية المارونية، في بيروت الأربعاء، أكبر اجتماع ماروني منذ سنوات، بدعوة من البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي. ووجه اللقاء، في بيانه الختامي، حزمة رسائل تنوعت بين الرفض والتحذير. المجتمعون أعلنوا رفضهم "كل ما من شأنه المسّ بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، بما هي رئاسة للدولة ورمز لوحدة الوطن"، بحسب البيان. ويتخوف الموارنة، والمسيحيون عامة في لبنان، من إعادة النظر في الدستور، ويتمسكون بصلاحيات رئيس الجمهورية الماروني، الذي أعطاه الدستور مع رئيس الحكومة السني حق تأليف الحكومة. وأعلن اللقاء الماروني عن "مخاوف حيال ما يطرح في السر والعلن عن تغيير في النظام والهوية، وعن مؤتمر تأسيسي، وعن مثالثة في الحكم تضرب صيغة العيش المشترك المسيحي – الإسلامي". وحذر من "انفجار يطيح بالكيان والخصوصية اللبنانية". ورأى أن "من أسباب الأزمة السياسية عدم تطبيق اتفاق الطائف والدستور المعدل بموجبه، بنصهما وروحهما، لأكثر من سبب داخلي وخارجي". وأنهى اتفاق الطائف حربا أهلية بين الفرقاء اللبنانيين دامت 15 عاما، وتم التوصل إليه في 1989، بوساطة سعودية. وتماشيا مع اللوائح المعمول بها بعد الاتفاق، الذي أسس للمحاصصة الطائفية، يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النوب شيعيا، ورئيس مجلس الوزراء سنيا.