روائي موريتاني : شباب بلد المليون شاعر يفضلون فنون السرد

محمد البكاي / الأناضول


الكاتب والروائي الموريتاني أحمد ولد إسَلْمُ، قال للأناضول: -من قادوا التوجه الأدبي نحو فنون السرد ومن واكبوه أيضا كانوا من الشعراء. -لا يمكن وصف إقبال الشباب على أصناف جديدة من الأدب بأنه تحرر من الوزن والقافية

 الكاتب والروائي الموريتاني أحمد ولد إسَلْمُ ::
-من قادوا التوجه الأدبي نحو فنون السرد ومن واكبوه أيضا كانوا من الشعراء.
-لا يمكن وصف إقبال الشباب على أصناف جديدة من الأدب بأنه تحرر من الوزن والقافية 
- حالة المجتمع الموريتاني باتت أكثر تصالحا مع أنماط جديدة.
- السرد جاء نتيجة الحاجة إلى قالب تعبيري يتجاوز الحماس الشعري اللحظي ويوثق المتغيرات الاجتماعية   
قال الكاتب والروائي الموريتاني أحمد ولد إسَلْمُ، إن هناك إقبالا متزايدا من شباب بلاده على أصناف جديدة من الأدب من بينها القصة والرواية، وذلك في بلد اشتهر بالشعر حتى بات يلقب ببلد المليون شاعر.
وشدد ولد إسلم في مقابلة مع الأناضول، على أن هذا الإقبال على أصناف جديدة من الأدب لا يمكن وصفه بأنه تحرر من الوزن والقافية.
وأضاف "من قادوا التوجه الأدبي نحو فنون السرد كانوا في جمهرتهم من الشعراء، ومن واكبوه أيضا كانوا من الشعراء، فأول من نشر رواية (موريتانية) هو الشاعر أحمدو ولد عبد القادر، وقد نشرت رواياته دون التخلي عن الشعر، وكذلك فعل الشاعر المختار السالم ولد أحمد سالم الفائز "بجائزة شنقيط للآداب" فقد كتب خمس روايات ولم يتخل عن الشعر".
وأكمل: "الشيخ أحمد ولد البان الفائز بجائزة كتارا نشر أيضا روايته الفائزة ولم يتخل عن الشعر، وكذلك الحال مع الشاعر الشيخ ولد نوح، وغيرهم كثير من الشعراء الذين ربما وجدوا في فن السرد متسعا للتفاصيل البصرية لم تعد قوالب الشعر تسنده".
ووفق ولد إسلم، فإن ارتباط الموريتاني بالشعر العربي كانت له أسباب تاريخية وحضارية "فبُعد موريتانيا جغرافيا عن جذورها الثقافية المشرقية جعلها أقل تأثرا أو -أبطأ على الأصح – من غيرها بما تأثر به الشعر العربي من ضعف خلال ما يصفه المؤرخون بعصر الانحطاط، فتلك الفترة في المشرق كانت ذروة ازدهار الشعر في الفضاء الذي سيعرف لاحقا باسم موريتانيا".
وأشار إلى أن هذا التأثر "استمر بالتأخر خلال السنوات اللاحقة لاستقلال موريتانيا، فلم يواكب أدبها الشعري المدارس التي طبعت الأدب المشرقي، وإن كانت الروافد الثقافية المشرقية ذات صدى في الأدب الموريتاني".
وتابع: "وعليه فلا يمكن أن يوصف إقبال الشباب على أصناف جديدة من الأدب بأنه تحرر من الوزن والقافية، بل إن حالة المجتمع الموريتاني باتت أكثر تصالحا مع أنماط جديدة مواكبة لمسار التحضر، وفرضت التغييرات الاجتماعية والثقافية دخول الرواية لا لتلغي الشعر أو تحل مكانه، ولكن لتواكبه في المسير نحو ثقافة مستجيبة لاحتياجات العصر".
ميلاد الرواية الموريتانية
ولفت ولد إسلم إلى أن عوامل رئيسية أدت إلى الولادة المتأخرة للرواية الموريتانية، مشيرا إلى أن أول رواية بالبلاد كانت عام 1981 وهي "الأسماء المتغيرة" للشاعر أحمدو ولد عبد القادر.
وأضاف أن "هذه الولادة جاءت نتيجة الحاجة إلى قالب تعبيري يتجاوز الحماس الشعري اللحظي ويوثق المتغيرات الاجتماعية المواكبة لنشأة الدولة والانتقال من الفضاء المفتوح إلى فضاء فيه سلطة مركزية تواجه تحديات التعامل مع مخلفات تاريخ طويل من الصراع الطبقي والاجتماعي".
ولم يستبعد أن يكون "هذا التأخر نتيجة طبيعية لصعوبة وصول المنتج الثقافي الخارجي إلى الدولة الوليدة (استقلت عن فرنسا عام 1960)، ومحدودية المهتمين به في ظل أوليات أخرى، كبناء الدولة أو النضال من أجل حقوق أكثر إلحاحا، فضلا عن التشبث بما ورثته النخبة الفكرية عن آبائها، ولذلك تزايد الاهتمام بالأدب السردي بالسنوات الأخيرة".
الأساليب والمضامين
وقال ولد إسلم إنه يمكن تقسيم الرواية الموريتانية المكتوبة بالعربية إلى ثلاثة تيارات أدبية وإن اشتركت كلها في الفترة الزمنية: "أولا روايات واقعية جدا، وتمثلها بالدرجة الأولى روايات الشاعر أحمدو ولد عبد القادر والصحفي السني عبداوة وبعض الروايات الأخرى الأقل انتشارا".
وثانيا، وفق المتحدث، "روايات الغرائبية التاريخية، وهي تستند إلى أحداث تاريخية حصلت في الفضاء الموريتاني أو العربي وتضفي عليها شيئا من الغرائبية الخيالية تخرج بها من حقل الألغام التاريخية، وقد كان رائد هذا التيار الروائي موسى ولد أبنو في روايته مدينة الرياح".
والتيار الثالث هو "روايات المغتربين، وهي قليلة تتحدث عن أزمات مجتمعات موريتانية نشأت في الغربة، أو روايات كتبها موريتانيون لكن أحداثها غير مرتبطة بالشأن المحلي، ويمكن أن نصف من ذلك رواية كتاب الردة للروائي الحائز على جائزة نجيب محفوظ الكاتب محمد فاضل ولد عبد اللطيف"، بحسب ولد إسلم.
سمر مع الأطفال في قرية معزولة
وعن بداياته مع كتابة القصة والرواية، أشار ولد إسلم إلى أن البداية كانت مع "جلسات سمر الأطفال في قرية معزولة قرب مدينة النعمة (شرق) إذ جرت العادة أن يتحلق الأطفال حول سيدة كبيرة تحكي لهم مقتطفات من أساطير ألف ليلة وليلة بنسختها المحلية، ومن هناك كنت أتخيل القصص وأرويها للأطفال، دون أن أدونها، وقد كان لدي خيال جامح لم أدرك قيمته إلا سنوات كثيرة بعد ذلك".
لكن البداية المكتوبة كانت مع الدراسة الجامعية مطلع الألفية، "حيث نشرت قصصا قصيرة متفرقة، فازت إحداها بجائزة بي بي سي ومجلة العربي الكويتية للقصص القصيرة، وقد جمعت بعض تلك القصص في كتاب بعنوان انتظار الماضي نشر 2015".
وحظي ولد إسلم العام الماضي باهتمام كبير من طرف الإعلام حين اختارت جامعة "ييل" الأمريكية إحدى قصصه للتدريس ضمن منهج الآداب، واختارت جامعة "إيسيت أنجليا" البريطانية اثنتين من قصصه للترجمة، واختارت مجلة "WWB" الأمريكية مقطعا من روايته "البراني" للترجمة في قسم أدب الخيال العلمي.
وللكاتب ولد إسلم عدة إصدارات منها "في انتظار الماضي"، وتضم 15 قصة قصيرة، بالإضافة إلى روايته الأولى "حياة مثقوبة" التي صدرت 2020 وينتظر صدور روايته الثانية تحت عنوان "البراني" خلال أسابيع.