فضيحة أدبية في فرنسا تبعد الروائي موا عن الفوز بجائزة الجونكور

د ب ا



باريس – كان الكاتب والمذيع الفرنسي يان موا أحد أفضل المرشحين، للفوز بجائزة الجونكور التي تعد أعلى جائزة أدبية في فرنسا وذلك عن عام 2019 ، غير أنه مع نشر روايته المثيرة للجدل " أورليانز"، وضع نهاية لأية آمال كانت تراوده في الفوز بهذه الجائزة الرفيعة.

وصار هذا المؤلف ومقدم البرامج التليفزيونية الناجح بؤرة لدائرة هائلة من الجدل داخل الوسط الثقافي الفرنسي، وأطلق على هذا الجدل عبارة "قضية موا"، والتي تتركز على ماضيه المعادي للسامية والشقاق مع أسرته بسبب روايته الأخيرة.

 
ودفع هذا لجنة التحكيم الخاصة بجائزة جونكور إلى استبعاده من القائمة القصيرة للمرشحين للفوز بها، وفي هذا الصدد قال برنارد بيفو رئيس أكاديمية جونكور - وهي مؤسسة أدبية فرنسية تأسست عام 1900 - لمحطة (آر.تي.إل) التليفزيونية الفرنسية إنه لو تم إدراج موا في القائمة القصيرة للجائزة، لكان ثمة خطر في تعرض الأكاديمية للاتهام بأنها تروج لمعاداة السامية عن طريق مكافأة رجل معاد للسامية.
ومن هنا فقد تم استبعاد موا من القائمة القصيرة للجائزة الرفيعة، على الرغم من أن روايته "أورليانز" نالت استحسانا من النقاد، وأضاف بيفو غير أن هذا الكتاب أثار موجة من الجدل ولا تود الأكاديمية أن يكون أحد الكتب التي رشحتها محل جدل.
و"قضية موا" في الحقيقة عبارة عن ملحمة من فصلين، ويدور الفصل الأول منها حول سلسلة من الرسومات والنصوص المعادية للسامية التي أبدعها المؤلف ، الذي يبلغ الآن 51 عاما من العمر ،قبل 30 عاما.
وفي أحد هذه الرسومات التي كشفت عنها مؤخرا صحيفة "إكسبريس" الفرنسية، ظهر أحد اليهود المرحلين وهو يمسك في يده علبة مشروب ومكتوب تحت الرسم شعار يقول "كوكا كريمه : تستطيع أن تتغلب على اليهودي"، وهو لعب بالألفاظ يعد معاديا للسامية على شعار "كوكا كولا : لا تستطيع أن تتغلب على الإحساس".
وسجل موا رقما قياسيا في عدد مرات الاعتذار التي قدمها عن قيامه بهذه الرسوم، واعتذر قائلا إنه كان وقت ذلك شابا يافعا وساذجا، واليوم يقول إنه يشعر بالاشمئزاز حيال ما قام به عندما كان يبلغ من العمر 21 عاما، واعترف بأنه أنتج أعمالا فنية تافهة وسيئة لا قيمة لها، مؤكدا أنه ليس معاديا للسامية.
ومع ذلك فإن "قضية موا" لا تزال تحدث انقساما داخل المشهد الثقافي الفرنسي، وبينما نأت أكاديمية جونكور بنفسها عن هذا الكاتب، وجد موا حليفا له في شخص الفيلسوف بيرنارد هنري ليفي الذي يعد راعيا لموا.
كما أعرب الكاتب والمفكر اليهودي آلان فينكلكراوت – الذي تلقى في وقت سابق إهانات معادية للسامية على هامش احتجاجات السترات الصفراء في باريس – عن مساندته لموا، وقال لمجلة "كاوزير" الفرنسية إنه لن يدين موا لارتكابه أخطاء عندما كان شابا يافعا.
غير أن مصداقية اعتذار موا عن أخطائه القديمة أصبحت محل شك، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة "لوموند" مقالا يصف أعماله الطائشة بأنها وقعت "في ماض ليس بعيدا جدا".
ونقلت الصحيفة عن كاتب المقال بول إيريك بلانرو وهو عضو سابق بحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف – الجبهة الوطنية سابقا - قوله إنه كان على صلة بموا حتى عام 2013 ، وكان بالانروا مقربا من الأكاديمي روبرت فاوريسون الذي اشتهر بأنه ينكر وقوع المذبحة اليهودية "الهولوكوست"، وتوفى عام 2018.
ويبدأ الفصل الثاني من "قضية موا" بنشر رواية "أورليانز" في 21 آب/أغسطس الماضي، ويتناول الكتاب طفولة موا التي يصفها بأنها كابوس، وخلال الكتاب ، الذي يقع في 270 صفحة ،يحكي المؤلف قصة تعرضه للإساءة والامتهان من جانب أبويه.
ويصف كيف أن أبيه ضربه بكابل كهرباء، وكيف أن أمه كانت تصفه بـ "الأبله الصغير"، وكيف أنه كان يتم وضع وجهه في مقعد مرحاض مليء بالغائط.
غير أن أسرته نفت حدوث أي من هذه الوقائع التي ذكرها موا، ونفى والده ،الذي نشر هو نفسه15 كتابا ، إدعاءات ابنه في مقابلة مع صحيفة "ريبابليك دي سود" الإقليمية ، وقال إنه كأب كان يتعين عليه أن يعلم ابنه أحيانا ألا يتجاوز الحدود، مثلما حدث ذات مرة عندما حاول موا عندما كان طفلا أن يدفع بشقيقه الأصغر ألكس من نافذة بالطابق الأول، وأشار الأب إلى أن القصص التي يرويها موا هي محض خيال.
كما اتهمه ألكس ،الذي يصغره بأربعة أعوام ، بالنفاق، ففي رسالة نشرتها صحيفة "لو باريزيان" وصف ألكس أخيه بأنه متشكك في الناس وميكيافيلي النزعة ومصاب بمرض العصاب ، وعلى استعداد لفعل أي شيئ لتحقيق النجاح الأدبي.
ويضيف ألكس أن اخيه موا مهووس بالفوز بجائزة الجونكور، وهو طموح يبدو الآن أنه يفوق قدرته .