مدينة المئة باب ...الأقصر المصرية تستعد لاستقبال زوارها

حجاج سلامة

الأقصر - حجاج سلامة- تتشوق مدينة الأقصر، الغنية بمئات المقابر وعشرات المعابد التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة، قبيل آلاف السنين، لاستقبال زوارها من سياح العالم مجددا، بعد أن أعادت المدينة فتح خمسًة من أشهر وأكبر مزاراتها الأثرية أمام الزوار، إثر إغلاق دام قرابة مئة يوم، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات المصرية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد .

 
وتواصل المدينة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، استعداداتها لاستقبال الزوار ببرامج سياحية في البر والبحر والجو.
وكما يقول ثروت عجمي، رئيس غرفة وكالات السفر والسياحية في الأقصر لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، فإنه وعلى الأرض، تتواصل جهود وكالات السياحة والسفر للفوز بنصيب جيد من حركة السياحة التي يترقبها العالم بعد إعادة فتح المطارات والموانئ أمام حركة الوصول والسفر بشتى القارات والبلدان، عبر البدء في تنفيذ خطط تسويقية وترويجية، بجانب تجهيز أسطول نقل سياحي قادر على استيعاب النمو المتوقع في أعداد السياح الوافدين لمصر.
و يضيف عجمي أن البواخر السياحية والفنادق العائمة تستعد أيضا لاستقبال رواد الرحلات النيلية بين مدينتي الأقصر وأسوان، فيما تتواصل أيضا استعدادات شركات البالون الطائر لتسيير رحلات المناطيد مجددا وهى تحمل السياح في جولات سياحية لرؤية معالم وآثار المدينة من الجو، وذلك جنبا إلى جنب مع رفع مستوى المناطق الأثرية، والحافلات السياحية لعودة الرحلات بين المعابد والمقابر المصرية القديمة في شرق المدينة وغربها.
ويقول محمد عبدالحميد المرشد والخبير السياحي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن المواقع والمزارات الأثرية الخمسة، التي جرى افتتاحها للزيارة، هي الأكثر شهرة وجذباً للسياح، وأنه يتوقع افتتاح مزيد من المزارات بشكل تدريجي، ليتم افتتاح كافة المعابد والمقابر المصرية القديمة أمام السياح بحلول شهر تشرين أول/ أكتوبر المقبل، وهو موعد بداية الموسم السياحي الجديد في الأقصر.
وأشار عبدالحميد إلى أن الاستعدادات لاستقبال زوار الأقصر من سياح العالم، امتدت من المزارات الأثرية والفنادق والبواخر وشركات البالون الطائر، إلى المطاعم والمقاهي السياحية، التي بدأت في ارتداء ثوب جديد لجذب الزبائن.
وفى تصريحات صحفية، قال محافظ الأقصر، المستشار مصطفى الهم، أنه كما أن الأقصر كانت أول محافظة يظهر فيها فيروس كورونا المستجد، فإنه يمكنه القول بأن الأقصر هي أول محافظة استطاعت ان تقهر فيروس كورونا، مؤكدا أن " النتائج الأخيرة مبشرة والأرقام لا تكذب ".
وتزامنت تلك التصريحات، مع تصريحات للمسؤولين في قطاع الصحة بالمدينة السياحية، أكدوا فيها على أن خططاً يجرى وضعها لغلق مستشفيات عزل مصابي فيروس كورونا المستجد، والإبقاء على مشفىً واحداً فقط لعلاج حالات الإصابة بـ "كوفيد 19 " وذلك بعد أن تراجعت أعداد الإصابات، وخلت بعض مستشفيات العزل من مصابي كورونا بشكل كامل.
ويقول محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بصعيد مصر لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، إن كافة الاستعدادات تجرى على قدم وساق، ليكون موعد انطلاق الموسم السياحي الجديد، في موعده المعتاد، مطلع شهر تشرين أول/ أكتوبر المقبل.
وأضاف أن المؤشرات الأولية إيجابية، وتبشر بموسم سياحي لافت، خاصة بعد أن تلقت شركات السياحة المصرية، طلبات لحجز رحلات من الكثير من الأسواق السياحية الأوروبية، بداية من شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، أي قبيل بداية الموسم السياحي الجديد.
ورأى عثمان أن الأقصر ستستقبل الكثير من زوار المنتجعات السياحية الشاطئية في الغردقة وشرم الشيخ، وذلك بعد افتتاح متحف مدينة الغردقة، الذي يسهم في تعريف زوار المدينة بتاريخ مصر القديمة وآثارها ومعالمها، بجانب افتتاح متحف شرم الشيخ قريبا، ليكون بجانب متحف الغردقة أحد روافد جذب رواد السياحة الشاطئية لزيارة معالم الأقصر من مقابر ومعابد ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة... معتبرا أن المتحفين سيساعدان على تحقيق مزيد من الرواج للسياحة الثقافية ومقاصدها في مصر.
" توت " و " حتشبسوت " بانتظار الزوار :
في أحضان جبل القرنة التاريخي، الذي يضم بين جنباته مقابر طيبة القديمة، والمعابد الجنائزية، يوجد معبد الملكة حتشبسوت، الذي يحمل اسم معبد الدير البحري، حيث تترقب حتشبسوت عودة زوارها من السياح، في المعبد الذي اشرف على بنائه المهندس " سننموت "، الذي يتحدث التاريخ عن ارتباطه بقصة حب مع حتشبسوت، والذي فوضته ملكته ومحبوبته في بناء الآثار الضخمة التي أقامتها حتشبسوت تكريما للإله آمون... حيث نالت حتشبسوت تأييد معبد آمون لحكمها، مما جعل منها ملكة قوية، وأباحت لنفسها تلوين تماثيلها بصور الملوك الذكور.
وفى منطقة وادي الملوك الغنية بعشرات المقابر التي شيدها ملوك مصر القديمة، يترقب الفرعون الذهبي الملك توت عن آمون، عودة زواره، بعد أن عاش وحيدا في مقبرته طيلة مئة يوم مضت، وذلك بعد أن كان يشكو من كثرة الزوار، الذين كانوا يهددون سلامة موميائه ونقوش مقبرته، جراء تزاحمهم على زيارتها، الأمر الذي دفع السلطات المصرية إلى التعاون مع مؤسسات أوروبية ودولية لاستنساخ مقبرته بهدف تخفيف أعداد الزوار الوافدين لها بهدف الحفاظ على مومياء الملك الشاب ونقوش ورسوم وألوان مقبرته الشهيرة، التي اكتشفها البريطاني هوارد كارتر في الرابع من شهر تشرين ثان/ نوفمبر عام 1922، أي قبيل 98 عاما، وعثر بها على كنوز ضخمة من القطع الأثرية والذهب والمجوهرات، في اكتشاف أثرى يعد الأشهر والأكثر أهمية في التاريخ.
وفى البر الشرقي للأقصر، يترقب عمال معبدي الكرنك والأقصر ومتحف المدينة عودة الزوار، حيث تنتظر صالات وأعمدة معبدي الكرنك والأقصر، جموع السياح، الذين كانوا يتزاحمون على زيارة معالم المعبدين اللذين يربط بينهما طريق الكباش الفرعوني الشهير بطول 2700 متر، والذي يخضع لمشروع ضخم يهدف لكشف وإحياء كل معالمه لتتحول المدينة بعد استكماله إلى أكبر متحف اثري مفتوح بالعالم.
ويقع معبد الأقصر المطل على نهر النيل الخالد، في الضاحية الجنوبية لطيبة القديمة، حيث كان يقوم الإله آمون بالانتقال من معبده في الكرنك، إلى معبد الأقصر مرة في السنة، فيذهب إلى النهر متجهاً نحو الجنوب حيث معبد الأقصر في موكب مهيب.
وأما معبد الكرنك، المكون من مجموعة معابد شيدها ملوك وملكات مصر القديمة، فيقول المؤرخون أن السياح يدهشون عندما يزورون معابد ادفو ودندرة وأبيدوس، غير أنهم حينما يزرون الكرنك سرعان ما تزول دهشتهم وتتضاءل ضخامة المعابد السابقة في نظرهم، أمام رحابات الكرنك وساحاته وبحيرته وصروحه وأعمدته.
ومن المعالم التي فتحت أبوابها مجدداً أمام الزوار في الأقصر، متحف المدينة المطل على نهر النيل، والواقع في المسافة ما بين معبدي الكرنك والأقصر، والذي يضم الكثير من الآثار المكتشفة في المدينة، ويمر هذا العام 45 على افتتاحه في حضور الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، والرئيس الفرنسي الأسبق، فاليرى جاسيكار دى ستان.
يذكر أن مدينة الأقصر، هي أحد أشهر مقاصد السياحة الثقافية في العالم، وقد اختارتها منظمة السياحة العالم في العام 2016، لتكون عاصمة للسياحة الثقافية بالعالم.