اليوم يُحكى الكثير بأن ما كشف "حزب الله" أمنيا كان مشاركته في الحرب على السوريين، وقد يكون الأمر صحيحا، فسوريا باتت ساحة مفتوحة لجميع استخبارات العالم منذ أعلن بشار الأسد الحرب على الشعب السوري وأدخل الميليشيات الشيعية من إيران والعراق ولبنان وغيرها لمشاركته في حربه، ناهيك عن المتطرفين السنة الذين أُدخلوا إلى سوريا من الحدود مع العراق وتركيا. "حزب الله" كان يُقاتل في سوريا ويتباهى، يتناقلون صور ضحايهم وصور مشاركتهم بإلقاء البراميل المتفجرة، يحاصرون الناس لتموت جوعا وينشرون صورهم على بعد أمتار قليلة منهم يستلذون بأطايب الطعام، واليوم في نعيه للقيادات التي تغتالها إسرائيل، يذكر "الحزب" ويتباهى بدور هؤلاء في قتالهم في سوريا وقتلهم للسوريين وتهجيرهم.
اليوم وبينما يحاول بعض سياسيي لبنان وحكامه تدوير الزوايا، لا يخفى على أحد أن جزءا كبيرا من اللبنانيين يلقون باللوم على "الحزب"، وينظرون بترقب إن كان "الحزب" وحده هو من سيدفع الثمن أم سيدفعون ولبنان ثمن مغامرات "الحزب" وإجرام إسرائيل؟
في سوريا يبدو المشهد بالنسبة لكثير من السوريين وكأنه "عدالة إلهية"، فبعد قتلهم وذبحهم وتجويعهم وتهجيرهم أمام صمت العالم على مدى أكثر من 13 عاما، ها هو يرى قاتليه يسقطون واحدا تلو الآخر، لا تعنيهم المحاضرات التي يلقيها البعض عليهم ولا أن قاتل قاتلهم هو العدو الإسرائيلي، ما يعنيهم أنهم يشعرون بعد كل هذه السنين أن شيئا يسيرا من العدالة أمر ممكن.
ونحن نجلس في منازلنا بين أحبتنا آمنين سالمين، كيف نجرؤ لنقول لمن فقد أطفاله جوعا وذبحا وتعذيبا على يد عناصر "حزب الله" أن عليه التضامن وأن الأخلاق تحتم عليه التعالي عن الجراح. فلا هذه هي الأخلاق ولا هذا هو التضامن، بل هذه حفلة تكاذب ونفاق قرر معظم السوريين أن لا يشاركوا فيها، وأن لا يفاضلوا بين قاتل وآخر ولا بين محتل وآخر.